ثمود والناقة
وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (74) قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (75) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (76) فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (77) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (78)
بعث الله تعالى النبي صالحا (ع) الى ثمود وهو ابن ست عشرة سنة ، فلبث فيهم حتى بلغ من العمر مائة وعشرين سنة دون ان يستجيبوا لدعوته، وكان لثمود سبعون صنما يعبدونها من دون الله ، ولما لم تنفع معهم كل الوسائل لعبادة الرحمن ، قال لهم نبي الله صالح (ع):
يا قوم اني اعرض عليكم أمرين ان شئتم ، فاسألوني حتى اسأل ربي فيجيبكم فيما تسألونني، وان شئتم سألت الهتكم فاذا اجابتني بالذي اسألها خرجت عن بلدتكم . فوافق القوم على ذلك واتفقوا معه على موعد يخرجون فيه، وعند حلول الموعد خرجت ئمود بأصنامها ودعوا صالحا (ع) قائلين :
يا صالح سل ما شئت ، فدعا نبي االله (ع) كبير اصنامهم فلم يجبه بشيء وكذلك بقية الاصنام بأسمائها التى كانوا يسمونها،
فقال (ع): يا قوم، دعوت اصنامكم باسمائها فلم يجبني أحد منهم ، والآن اسألوني حتى ادعو الله فيجيبكم .
فقالوا: اسألها مرة اخرى، فسألها (ع) وكرر السؤال عليها فلم يجبه صنم من اصنام ثمود.
حينئذ قال (ع) لهم : يا قوم لقد ذهب النهار والهتكم لم تجبني، فاسألوني حتى اسأل الله فيجيبكم .
فخرج له سبعون رجلأ من كبرائهم وقالوا نحن نسألك .
فقال (ع): وهل كل ثمود ترضى بكم ؟
فصاحت ثمود: نعم ، نقبل بهم جميعنا، فاذا سألوك واجابك ربك تبعناك جميعأ.
فقال صالح (ع): سلوني ما شئتم.
فقالت ثمود: انطلق بنا الى ذلك الجبل . فانطلق صالح (ع) مع السبعين رجلأ الى الجبل ووقفوا امامه ،
فقالوا: سل ربك ان يخرج لنا هذه الساعة ومن هذا الجبل ناقة حمراء شديدة الحمرة وهي حامل.
فقال صالح (ع): سألتموني شيئا يعظم علي ويهون على ربي. وسأل صالح (ع) الله تعالى فانصدع (أنشق) الجبل صدعا كادت تطير منه عقولهم ، واضطرب، وماهي الآ لحظات حتئ خرج رأس الناقة ، وشيئأ فشيئأ خرج سائر جسدها.
فلما رأت ثمود ذلك ، قالت : ما اسرع ما اجابك ربك يا صالح ، فاسأله ان يخرج لنا فصيلها.
فسأل النبي صالح (ع) الله ذلك ، فخب الفصيل يحوم حولها.
عندها قال (ع) لهم : يا قوم هل بقي شىء؟
فأجاب وفد ثمود مذهولا: لا .. لا .
عندها قال (ع): يا قوم هذه ناقة الله لكم آية ، فدعوها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء أفذكم عذاب قريب .
وعندما رجع السبعون رجلأ الى قومهم قال اربعة وستون رجلا منهم: هذا سحر، وقال الستة الاخرون: الحق ما رأيناه ، ثم ارتد منم واحد وبقي منهم خمسة يقولون الحق.
ثم قال صالح (ع) لثمود جميعها : يا قوم لهذه الناقة شراب فهي تشرب ماءكم يوما وتدر عليكم لبنها يوما. فكانت ثشرب يوما واذا كان الغد وقفت وسط قريتهم فلا يبقى منهم أحد الا وحلب منها ما يريد من اللبن . ومكثوا على ذلك ما شاء الله من الوقت ، ثم انهم راح بعضهم الى بعض يقول : لماذا لا نعقر الناقة ونستريح؟ فأننا لا نرضى ان يكون لنا شرب يوم ولها وحدها شرب يوم.
فقال احدهم : من الذي يقتلها ونجعل له هدايا كبيرة مما يحب ؟ !
وفي هذه الاثناء جاءهم رجل اسمه قدّار فقبل بذلك. فتربص بالناقة بعد ان عادت من شرب الماء فهجم عليها وضربها بالسيف ضربتين فقتها فهرب فصيلها الى الجبل يصرخ فلحقه مع ثمود فقتلوه واقتسموا لحمه واكلوه.
فقال صالح (ع): يا قوم ما دعاكم الى هذا العمل ؟ أعصيتم أمر ربكم ؟
فاوحى الله سبحانه الى صالح ان يخبرهم بقرب موعد الانتقام وان العذاب سيأتيهم بعد ثلاثة أيام ، فان تابوا الى الله قبل توبتهم ولم ينزل عليهم العذاب ، واخبرهم صالح (ع) بذلك ، لكنهم قالوا: لو هلكنا جميعا ما سمعنا قولك ولا تركنا عبادة الاصنام .
ولم يتوبوا الى الله ، فلما كان اليوم الثالث اصبحت وجوههم سوداء. فمشى بعضهم الى بعض يقولون : لقد أتانا ما قال صالح. وعند انتصاف الليل أتاهم جبريل (ع) وصاح بهم صيحة وأرسل عليم الله كذلك نارأ فماتوا جميعأ من الصيحة والنار.
وهكذا كانت نهاية من عصى الله وعبد الاصنام.
|